لطيفة، البقاع ، لبنان
لطيفة عضوة في حركة عائلات من أجل الحرية
توفي أحد إخوتي في القصف خلال عام 2018 وفي نفس العام تم اختطاف أخي الآخر. ما زلنا لا نعرف ما حدث له. في أحد الأيام اعتقلت زوجته أيضاً أثناء مرورها عبر نقطة تفتيش تابعة للنظام في طريقها لزيارة أهلها وبعدها بعشرين يوم اختفى أخي. لم نحصل على أي معلومات عنه على الإطلاق. لا نعرف حتى من أخذه ولماذا. من الممكن أن يكون النظام ولكن من الممكن أيضًا أن يكون داعش.
لأخي وزوجته أربعة أطفال. كان الأصغر يبلغ من العمر تسعة أشهر فقط وبعد اختفاء والديه مرض بشدة ومات. لا يسعنا إلا أن نفترض أن الصدمة هي التي قتلته.
أطفالهم الثلاثة الآخرون معي الآن هنا في لبنان. كنت قد أتيت إلى لبنان عام 2013، وانتقلت إلى مخيم للاجئين. كان من الصعب للغاية إحضار الأطفال إلى هنا. لم يكن معهم بطاقة هوية على الإطلاق ولم يكن هناك دليل على قرابتنا. استغرق الأمر 18 شهراً من العمل مع محام لإثبات هويتهم وإحضارهم إلى هنا.
على الأقل لدينا قبر للطفل حيث يمكننا زيارته والحزن عليه. ولكن ليس لدينا مكان لأخي وزوجة أخي. لقد بحثنا وبحثنا في محاولة للعثور على أي معلومات حول ما حدث لهما ولكن حتى الآن لم نحصل على أي شيء.
الحياة في مخيم اللاجئين تجعل كل شيء أصعب، فالوضع غير مستقر هنا مما يضيف المزيد من الخوف وعدم اليقين إلى معاناتنا. لكن لا يزال بإمكاننا البحث عن المعلومات ونحاول بأن نتوصل لمعلومات عبر أي قناة ممكنة. سأنتظر مئة عام إذا اضطررت من أجل معرفة ما حدث. هذا حقي. لقد صنعت جدولًا زمنيًا لكل ما أعرفه. عندما أسمع أي شيء، أتأكد من التاريخ وأضيفه الى الجدول. لدي أرقام كل الأشخاص الذين يخبرونني بأي أخبار على الإطلاق، وقد جمعت كل شيء في الجدول الزمني. قد أتمكن في يوم من الأيام من ربط جميع الأحداث معاً والعثور عليهما. اتصلت بالعديد من المنظمات وأعطيتهم أسماء أخي وزوجته حتى إذا سمع أحد أنهم ماتوا سيمكنهم إخباري ومساعدتي في العثور على جثامينهم.
أخاف أكثر على زوجة أخي لأنها امرأة. كيف تتعايش مع السجن في هذه الظروف؟ عندما يحين وقت الدورة الشهرية كيف تتعامل مع ذلك؟ عندما أسمع كيف يعاملون النساء هناك، أحاول دائماً اكتشاف المزيد كي أتمكن من فهم ما الذي تمر به. يصبح هذا صعباً جداً. لقد سمعت أن النساء يتم تعليقهن بالمقلوب من الحبال المعلقة بالسقف. يتعرضون للمضايقة والإهانة. من الصعب جداً سماع ذلك.
لكني لم أفقد الأمل. في يوم من الأيام أؤمن أنهم سيعودون. في كل مرة يرن هاتفي أظن أن أخي يتصل بي. لا أستطيع أن أصف مدى صعوبة هذه المشاعر. لم تتغير مشاعري طوال هذه السنوات. ما زالت بنفس الحدة.
أحكي للأولاد عن والديهم طوال الوقت. أروي لهم قصصًا عنهم وكيف كانوا يعيشون حياتهم. لا يزال الصبي الأكبر يتذكرهم. يقولون في يوم من الأيام سنرى والدنا ونخبره كم كنا شطاراً في المدرسة. أحياناً عندما أشتري لهم ملابس جديدة تقول ابنة أخي أنها سترتديها فقط عندما تتمكن أمها من رؤيتها. تقول عندما تعود ماما سأشتري فستانًا أبيض وأقيم لها حفلة وأرقص معها.
لن أسكت ابداً. يستخدم النظام الاعتقال كوسيلة لإسكات الناس. بمجرد أن يروا ما حدث لأحبائهم فإنهم يخافون جداً من تبقى لهم لدرجة تجعلهم يلتزمون الصمت.
أريد أن تصل قصتي إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص. أريد أن يعرف العالم بما يمر به السوريون. أقول للعالم: لم يقف أحد معنا. لقد فقدنا كل شيء وسنفعل أي شيء لمعرفة ما حدث.
إلى أخي وزوجة أخي: أنا في انتظاركما. سأفعل أي شيء لإعادتكما.