فدوى محمود، برلين ، ألمانيا
فدوى محمود هي واحدة من مؤسسات حركة عائلات من أجل الحرية. هي ناشطة وسجينة سياسية سابقة تنتظر ابنها ماهر طحان وزوجها عبد العزيز الخير المعتقلين لدى النظام السوري منذ 2012.
كان زوجي، وهو عضو في حزب سياسي محظور في سوريا، في طريقه إلى المنزل من مؤتمر سياسي في الصين، وذهب ماهر لاصطحابه من المطار. في الساعة 5:05 مساءً، اتصل ماهر ليخبرني أنه في المطار ينتظر عبد العزيز وشعرت في قلبي بأن هناك خطب ما. كان هناك شيء مختلف وعدم ارتياح في صوته. لذلك اتصلت به مرة أخرى بعد عشر دقائق للاطمئنان عليهما ولكن الهاتف لم يرن. أخبرت نفسي أنه يمكن أن يكون خارج التغطية لكنني في داخلي لم أكن مطمئنة. أبقيت نفسي مشغولة، أعددت لهما الطعام وجهزت كل شيء على الطاولة. ظللت أخرج مراراً إلى الشرفة حيث يمكنني رؤيتهما إذا اقتربا من المنزل. لكن بحلول الساعة الثامنة لم يكونا قد وصلا بعد، عندها عرفت أنه تم اعتقالهما.
مرّت ما يقارب العشر سنوات منذ ذلك اليوم، وما زلت أشعر بنفس الشعور تمامًا. منذ ما يقارب العشر سنوات وأنا أنتظر. وكأن جزءاً من قلبي وكياني مفقود. من الصعب جدًا الانتظار هكذا، أحس بوجع في قلبي طوال الوقت.
في كل مرة أتلقى مكالمة من رقم لا أعرفه، أشعر بسعادة كبيرة وخوف شديد في نفس الوقت - قد تكون هذه هي المكالمة التي تخبرني بمصيرهما. في كل مرة أتصل بابني الثاني ولا يرد، تعود كل مخاوفي إلى الظهور مرة أخرى. عندما أكون نائمة، غالبًا ما أتخيّل أنني أسمع رنين هاتفي ولكن عندما أنهض لأتأكد، أجد أنه لم يتصل أحد. يبدو الأمر كما لو أن عقلي الباطن يرغب في أن يرن الهاتف. كلنا نشعر بهذا. الآلاف من العائلات التي سلب منها أحبابها. لكني لا أسمح لنفسي أن أفكر في وجود أخبار سيئة. تخبرني غريزة الأمومة أنهما على قيد الحياة.
معركتي ليست فقط من أجل ابني وزوجي. إنها لكل عائلة سلب منها أحد أفرادها. ومن أجل السوريين داخل سوريا الذين ما زالوا يعيشون كل يوم في خوف من أن يعتقل لهم شخص آخر. أريد أن أصرخ وأن يُسمع صوتي في كل فرصة ممكنة، وسأستمر بذلك حتى أنفاسي الأخيرة.
كلما تحدثت أكثر، كلما سمعت من الآخرين أنهم يدعمون ما أفعله. يقولون لي إن قوتي تعطيهم القوة. بأني صوتهم. هذا يعطيني القوة والدافع للاستمرار. قد لا يعني هذا أنني اقتربت أكثر من العثور على زوجي وابني، ولكنه يعني أن صوتي مسموع. لقد تم تحذيري منذ البداية بعدم التحدث في العلن لأن ذلك قد يزيد معاناتهما سوءاً. لكن هذا ما يريده النظام: إسكاتنا. في الحقيقة أنا أعلم أنهما يتعرضان للتعذيب، وأن التعذيب لن يتوقف إذا التزمت الصمت.
أقول لكل أسرة أخرى إننا لن نستسلم. أقول للنظام إننا لن نستسلم. ما زلنا هنا وما زلنا نكافح من أجل أن نُسمع. هؤلاء هم أبناء وبنات سوريا الذين يستحقون/ن الحرية. تتحدث دول أخرى عن دعم حقوق الإنسان لكنها لا تفعل شيئًا. لم يفعلوا شيئاً للشعب السوري.